السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين وصلة قوية بين الله وعباده المؤمنين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وقيوم السموات والأرضين.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أمرنا بالصلاة وبين لنا أحكامها وفضائلها وفوائدها.
وحذرنا من تركها والتهاون بها وتأخيرها عن وقتها والتخلف عن جماعتها وتوعد على ذلك بالوعيد الشديد، كما رتب على المحافظة عليها سعادة الدنيا والآخرة فلله الحمد والشكر والثناء على ذلك ونسأله تعالى أن يديم علينا وعلى إخواننا المسلمين نعمة الإسلام والصحة في الأبدان والأمن والاستقرار في الأوطان إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل أما بعد فلأهمية الصلاة في الإسلام وكونها عماد الدين والصلة برب العالمين ولما رتب على المحافظة عليها من أجر وثواب وعلى التهاون بها من عقاب، فقد أفردت من كتابي (كلمات مضيئة) ما يتعلق بالصلاة من مسائل وفوائد وأحكام وفضل أداء الصلوات الخمس ووجوبها مع الجماعة وبيان عقوبة المتخلف عنها وحكم تاركها. وأضفت إليها ما تيسر من غيرها من بيان عظم شأن الصلاة وما تمتاز به عن سائر العبادات وبيان الصلاة الكاملة وآثارها في حياة المسلم وهي مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله وكلام المحققين من أهل العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو طبعها أو قرأها أو سمعها فعمل بها كما أسأله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يجعلنا وإخواننا المسلمين من المحافظين على الصلوات المكرمين بنعيم الجنات وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الصلاة عماد الدين
فرض الله الصلوات الخمس على الأمة الإسلامية، وجعلها أحد أركان الإسلام ومبانيه بل هي أعظم أركانه بعد الشهادتين، فرضها على عباده المؤمنين لكي يرفع بها درجاتهم، ويضاعف بها حسناتهم، ويحط بها عنهم ذنوبهم وخطاياهم وسيئاتهم، ويدخلهم بها الجنة وينجيهم بها من النار، مع أداء بقية الواجبات وترك المحرمات، فرضها الله تعالى على نبيه وأمته ليلة الإسراء خمسين صلاة ثم خففها إلى خمس صلوات رحمة منه بعباده، وتيسيرًا عليهم وإحسانًا إليهم وجعل أجر هذه الخمس خمسين كرمًا منه وجودًا وإحسانًا وتفضلاً وامتنانًا، فرضها الله تعالى على الذكر والأنثى والحر والعبد والمقيم والمسافر والغني والفقير والصحيح والمريض، فلا تسقط الصلاة ما دام العقل ثابتًا بل يؤديها المريض على حسب حاله وقدر استطاعته، والصلاة دعاء وابتهال وخشوع وامتثال توثق صلة العبد بربه فيفيض عليه من خيره وتطهر نفسه وتزكي قلبه وتعوده الإخلاص لله والابتعاد عن النفاق وتبعث في جسمه النشاط لما يقوم به من حركات متنوعة وتكون عونًا له على أموره وسببًا في حفظه وسلامته وكفايته، يقرأ فيها المصلي القرآن وقلبه خاشع وذهنه حاضر ويستمع إليه فيتعلم من علومه ويهتدي بهداه وتصفوا نفسه ويستنير عقله لهذا كانت الصلاة عنصرًا أساسيًّا في بناء الإسلام فلا دين ولا إسلام لمن تركها قال الإمام أحمد وقد جاء في الحديث لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فكل مستخف بالصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به وإنما حظه من الإسلام على قدر حظه من الصلاة ورغبته في الإسلام على قدر رغبته في الصلاة فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام عندك كقدر الصلاة في قلبك( ).
والصلاة من الإسلام بمنزلة عمود الخيمة فما دام العمود قائمًا انتفعت بالأطناب والأوتاد فإذا سقط العمود سقطت ولم تنتفع بالأطناب ولا بالأوتاد فكذلك الصلاة من الإسلام فلا يقبل من تاركها زكاة ولا صيام ولا حج ولا جهاد ما دام تاركًا لهذا الركن العظيم من أركان الدين الذي يقوم عليه. وتارك الصلاة أعظم جرمًا من الزاني والسارق وشارب الخمر لأن هؤلاء مسلمون عصاة إذا كانوا يصلون أما تارك الصلاة فهو كافر بنص الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله ( ) فالتهاون بالصلاة وتأخيرها عن وقتها والتخلف عن جماعتها من أعظم المصائب وأقبح المعائب وقد توعد الله فاعل ذلك بالويل والغي والخسران وأخبر عن أهل النار أنهم إذا سئلوا ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين المدثر (43) وحكم تارك الصلاة متعمدا هو القتل فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرثهم ولا يرثوه ولا يزوجوه، ومما شرعه الإسلام أداء الصلاة جماعة في المساجد لحكم بالغة ومزايا جمة وفوائد جسيمة، ففي كل خطوة يمشيها المسلم إلى المسجد رفع درجة وحط خطيئة والملائكة تصلي عليه ما دام في المسجد وتدعو له بالمغفرة والرحمة، وفضلت صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة والقيام بها تأليف بين المسلمين وجمع لقلوبهم في أكبر عبادة ( ) مهذبة للنفوس، وفيها تتحقق الوحدة والعدالة والمساواة بين المسلمين حيث يقف الكبير والصغير والغني والفقير والرئيس والمرؤوس جنبًا إلى جنب، وفيها يتعلم الجاهل من العالم والمأموم من الإمام أحكام الصلاة وغيرها بطريق عملي ونظري، أما تخلف المسلم عن صلاة الجماعة فإنه من أسباب نسيانها وتأخيرها عن وقتها ومن علامات النفاق وقد قال عبد الله بن مسعود من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادي بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ( ) فليتق العبد المسلم ربه في أموره عامة وصلاته خاصة وليحافظ عليها في أوقاتها مع الجماعة في المساجد حتى يموت مسلمًا ويفوز بعظيم الأجر المعد لمن حافظ عليها ويسلم من الإثم والوزر والخسران المعد لمن ضيعها.
الصلاة الكاملة وآثارها في حياة المسلم
الصلاة أولى الفرائض العملية في الدين، وهي الشعيرة الباقية عبر الرسالات والصلاة عبادة تحقق دوام ذكر الله، والقربى من جنابه، وتمثل تمام الطاعة والاستسلام لله رب العالمين، والتجرد لله وحده، وتربي النفس على معاني التقوى والإنابة والصبر والتوكل والجهاد، وتهيء المؤمن لحياة صالحة بين جماعة المؤمنين.
وإذا كانت الصلاة في الإسلام أول العمل الصالح وأفضله، فهي لذلك أبرز المظاهر والسمات للمسلمين تميزهم في واقع الحياة عن سائر الناس، والصلاة فيما يقرر القرآن مصداق الإيمان وأثره الأول فهي لذلك الصفة اللازمة للمؤمنين، والصلاة للإسلام هي الركن الأهم بعد الشهادة لله بالتوحيد وتصديق الرسالة وهي الشرط الأول للانتماء لأمة المسلمين.
وأول عهد المرء بالإسلام بعد الإقرار بالتوحيد
والرسالة أن يتعلم الصلاة ويأخذ بها ذلك هو الجواز العملي من الكفر إلى الإسلام. وكان النبي: إذا أسلم الرجل أول ما يعلمه الصلاة ولذلك اتخذها آية للإسلام في علاقته مع القبائل العربية حيث قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقال: «بين الرجل والشرك ترك الصلاة» رواه مسلم. وكان أذان الصلاة شعارا يدل على المسلمين فكان النبي إذا غزى قومًا لم يغز حتى يصبح وينظر فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم. فالصلاة مظهر إسلامي متميز يقدم المسلم للناس بصور تعلن عن إسلامه وتدل عليه، والصلاة استغراق دائم في عبادة الله وتوالى الصلوات الخمس في اليوم والليلة إشاعة لروح الدين الإسلامي.
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا( ) وقد أراد الله بعباده اليسر، فاقتضت رأفته وحكمته أن يرفع الفرض عندما ينطلق الناس لأشغال المعاش وعندما يخلدون لراحة النوم وأن يجعل في أوقات الصلوات المكتوبة فسحة للراحة من التعب ترفع الحرج عمن تلح عليه الشواغل في بعض ذلك الوقت، وتتيح له مجالاً يتوخى فيه بصلاته لحظة هي أجمع لخواطره وأخلي لباله. وكما يتوالى فرض الصلاة ونفلها على المسلم على مدار يومه تدوم عليه طوال عمره وعبر كل ظروف الحياة لا يرفعها عنه عذر من مرض ولا مانع من سفر ولا شاغل من خوف ولا اعتبار لظروف المكان، فأينما انتقل المسلم لازمته فريضة الصلاة يؤديها حيثما يتيسر له، في كل بقعة طاهرة من الأرض وفي كل منزل ومقام. قال: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل» متفق عليه، وإذا مرض صلى قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى جنبه، ومن كان على سفر قصر الصلاة تخفيفًا عليه حتى لا يشق عليه تعهد الصلاة بالإقامة التامة، وليكن موصول الحبل بالله أينما حل وارتحل حتى ساعة القتال لا تسقط عن المسلم الصلاة بل يصليها على حسب حاله وقدر استطاعته يستعين بها على الصبر في مقام الخوف، ويستمد منها القوة على الجهاد. ودوام الصلاة على اختلاف الأحوال والأزمنة صفة تميزها عن سائر التكاليف العملية.
ومن النتائج التربوية للصلاة عند من يتعهدها: أنها تورث الإنسان روح المواظبة على كل واجب والمداومة على كل عمل، وفي الصلاة خشوع لله وطاعة صادقة لله والرسول وفيها تفكر وتأمل وفيها توجه إلى الله بالقول الطيب ولكنها لا تقتصر على التفكر والكلام، وإنما هي كذلك هيئات جسدية من قيام وجلوس وحركات من ركوع وسجود وغير ذلك مما يمثل تمجيد الله والتذلل له مصحوبًا بالذكر المشروع.
والخشوع حالة تخضع وتطمئن فيها الجوارح بأعمال الصلاة ترافقها أفكار صادرة عن ذهن حاضر وتواكبها خواطر تقوم بالفؤاد منفعلة بمهابة الله وإجلاله ومشاعر متجهة إليه بالقنوت والإخبات. ولا تتم صلاة بغير خشوع مهما كانت ملتزمة بالمظهر المسنون أو انضبطت فيها الحركات الآلية أو تم كلام اللسان.
ولا يصل إلى الله عمل يؤديه صاحبه عفوًا بغير أساس من تقوى النفوس. والخشوع في الصلاة حالة لا تتيسر إلا لمن تعهد نفسه بالتزكية ورطب لسانه بذكر الله في كل حين وألان فؤاده باستشعار هيبة ربه حتى تفجرت في نفسه ينابيع الإيمان وعرف طمأنينة اليقين، فصار يحسن العبادة ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق [سورة الحديد آية (16)].
ولا يفلح المصلي إلا إذا أقام الصلاة بخشوع قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون والخشوع: تكامل بين معان مختلفة من أمر القبلة من التوجه إلى الله وفي أمر القنوت من التجرد له عمن سواه، واستشعار جلال الله وعظمته والتذلل له، والخضوع والاستكانة بين يديه، ولا بد من استحضار هذا الشعور الكامل الشامل لدى كل قول أو عمل من إجراءات الصلاة، والصلاة بأقوالها المأثورة وحركاتها المسنونة تربية للمسلم في اتباع نهج الرسول واتخاذه قدوة حسنة في سائر مسلك الإنسان، فالرسول يوصينا في شأن الصلاة فيقول «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه البخاري، وكان الصحابة رضي الله عنهم يلاحظون فعله فيها فيقلدونه بدقة ويزكون الواحد منهم فيصفونه بأنه أشبه الناس بصلاة رسول الله ، وكان عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة كاملة تامة فيقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة» رواه مسلم.
والصلاة كذلك تربية تُهَيِّئ المسلم لطاعة الله حيثما كان، فإذا تجاوز مسجده وخالط دنيا الناس التزم تقوى الله وراقبه في كل عمل، والمسلم المحافظ على صلاته يعود عليها خمس مرات في اليوم والليلة على الأقل ويعود بذلك إلى توبته فتخلل التوبة يومه كله ولا تكاد تبقي من ذنوبه شيئا .
قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ( ) وقال عليه الصلاة والسلام: «أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا لا يبقى من درنه شيء قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا» متفق عليه.
والصلاة تذكرة بالله غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ يتلى فيها القرآن فيرد فيه ذكر عذاب الله فيستعيذ القارئ المتدبر، وبيان لمحارم الله ولمكارهه فيعزم المصلي الخاشع أن لا يقع فيها حذرًا من حساب الله وسخطه وعقوبته، وأملا في رضاه ومعافاته ويستذكر المصلي فتنة الله وعذابه فليعوذ به بدعائه «اللهم إني أعوذ بك من عذاب البر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال» ومجمل القول أن الصلاة تنمي الإيمان للمؤمن بالغيب وتزيد خشيته من الله فيتقي عذابه بالتواضع لأوامره واجتناب نواهيه.
ولا يقيم الصلاة إلا الذين يتقون الله ولا يتم خشوعها إلا الذين يخشون لقاء الله وتزيد هؤلاء صلاتهم إيمانا بالله واتقاء لما نهى عنه، فإذا قام الخاشع من صلاته قام وقد تمكن منه خوف الله يزجره عن كل فحشاء ومنكر ولا تلهيه دنياه وعلائقه المادية حتى تحل عليه الصلاة التالية فتزوده بشحنة من التقوى، ولذلك كانت الصلاة من أعظم النواهي عن المعاصي .
قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ( ) وإذا كان المسلم يقع في المعاصي فإن الصلاة توبة له تتوالى طول اليوم فتتعاقب على خطاياه فتمحوها، كلما تراكمت بين فترات الصلاة وهذا التعاقب يعلم المسلم أن يجدد التوبة دائمًا قبل أن تحيط به الخطيئة.
وهذا التوالي في التوبات قبل تمكين الخطيئة يدوم على المسلم بدوام الصلاة فيصبح توابًا إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين( ) وكما رأينا في الصلاة أنها متاب للعبد ومحط لخطاياه ومزدجر يعصمه من المنكر والحرام، نرى فيها من وجه آخر أثرًا إيجابيًّا، أنها دافع للهمة والأمل ومسألة يرجو فيها العبد من عطاء الله وتوفيقه وحافز ينهض به على المعروف والواجب بجد وفعالية.
والصلاة بتواليها ودوامها تضمن مددًا روحيًّا لا ينقطع عن المسلم، بل يتزايد باطراد مجددا إيمانه بالله وكتابه ورسوله ومقويا خشيته وتقواه وشكره وثقته ورجاءه ومضاعفا بذلك جهوده الصالحة في سبيل الله، فكلما استهلكت المسلم تكاليف الحياة أسعفته الصلاة بشحنة من الطاقة الروحية تمد له في إسعاده مدًّا يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين( ) ولذلك كان الرسول إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة( ) ونادى: أرحنا بالصلاة يا بلال وكان يقول: «جعلت قرة عيني بالصلاة»( ) وخلاصة القول: أن الصلاة تدعو إلى الطاعة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لأنها تمثل تمام الانصياع بالبدن من المتن إلى أطراف الأصابع وتمام الخشوع شعورًا وتعبيرًا فهي مران على الخضوع وتركيز للإيمان بجلال الله وعظمته مما يستوجب الطاعة الوافية الصادقة لله ورسوله وبهيبة الله وجبروته مما يورث طاعته وخشيته فيما أمر، كما يورث تقواه فيما نهى، وإنابة إليه بعد المعصية، تلك آثار الصلاة الطيبة يجدها المسلم في حياته الأولى قبل أن يلقى ربه، فيجزيه الجزاء الأوفى، وذلك هو الخسران من إضاعة الصلاة يلقاه الشقي في عاجلته قبل أن يقف موقف الحساب، فالله نسأل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يقبل صلواتنا ويجيب دعواتنا ويغفر زلاتنا، ويؤتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ويقينا عذاب النار وصلى الله على محمد وسلم( ).
1- فوائد الصلاة( )
فرض الله على الأمة خمس صلوات كل يوم وليلة، ومن النوافل والرواتب والوتر وغيرها ما هو تبع لها، لما في ذلك من الفوائد الضرورية والكمالية الدينية والدنيوية .
قال تعالى: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا( ) فهذه الآية تدخل فيها الصلوات الخمس، وقد تواترت الأحاديث الصحيحة عن النبي في الصلوات الخمس وتفصيل أوقاتها وشروطها ومكملاتها، وفي فضلها وكثرة ثوابها، فمن فضائلها أنها أعظم عبادة يحصل فيها الخضوع والذل لله وامتلاء القلب من الإيمان به وتعظيمه، وذلك مادة سعادة القلب الأبدية ونعيمه ولا يمكن تغذيته بمثل الصلاة، والصلاة أعظم غذاء وسقي لشجرة الإيمان، فالصلاة تثبت الإيمان وتنميه، وتنمي ما يثمره الإيمان من فعل الخير والرغبة فيه، وكذلك تنهى عن الشر، قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ( ) فأخبر أن فيها الغذاء بذكر الله والشفاء بنهيها عن الفحشاء والمنكر، وأي شيء أعظم من هذا وأجل وأكمل؟
ومن فضائلها أنها أكبر عون للعبد على مصالح دينه ودنياه، قال تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة( ) أي على كل الأمور، أما عونها على المصالح الدينية فإن العبد إذا داوم على الصلاة وحافظ عليها قويت رغبته في فعل الخيرات وسهلت عليه الطاعات وبذل الإحسان بطمأنينة نفس واحتساب ورجاء للثواب، وتذهب أو تضعف داعيته للمعاصي، وهذا أمر محسوس مشاهد، فإنك لا تجد محافظًا على الصلاة فروضها ونوافلها إلا وجدت تأثير ذلك في بقية أعماله، ولهذا كانت الصلاة عنوانًا على الفلاح، قال تعالى: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر الآية( ) والمراد عمارتها بالصلاة والقربات، وقال : «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله يقول: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر»( ).
وأما عونها على المصالح الدنيوية فإنها تهون المشاق وتسلي عن المصائب ويجازي الله صاحبها بتيسير أموره، ويبارك له في ماله وأعماله وجميع ما يتصل به ويباشره.
ومن فضائلها أن من أكملها وأتقنها فقد فاز وسعد، وفي حديث أبي هريرة مرفوعا: أول ما يحاسب عنه العبد صلاته، فإن كان قد أتمها فقد أفلح وأنجح، الحديث في السنن.
وللصلاة خمس فوائد كل واحدة خير من الدنيا وما عليها، تكميل الإسلام التي هي أكبر أركانه وتكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات، وزيادة القرب من رب السموات، وزيادة الإيمان في القلب ونوره، وقد شرع الشارع الاجتماع للصلوات الخمس والجمعة والعيد لما في الاجتماع من حصول التنافس في الخيرات والتنشيط عليها، والتعلم والتعليم لأحكامها، فإن العالم ينبه الجاهل، والجاهل يتعلم بالقول والفعل من العالم ويقتدي الناس بعضهم ببعض، وكذلك ما في الاجتماع من التواد والتواصل بين المسلمين وعدم التقاطع وما في ذلك من معرفة حال المصلين والمحافظين على الصلاة والمتهاونين، ومضاعفة الأجر بالاجتماع، وكثرة الخطا إلى المساجد وما يتبع ذلك من قراءة وذكر وعبادات تفعل في المساجد بأسباب الصلوات.
ومن فوائدها الطبية البدنية وهي مصلحة تابعة لغيرها ما فيها من الرياضة المتنوعة النافعة للبدن المقوية للأعضاء والحركة المذيبة للأخلاط الغليظة وذلك من وجهين.
أحدهما: ما في الصلوات ووسائلها وتوابعها من المشي والذهاب والمجيء والقيام والقعود والركوع والسجود المتكرر، وكذلك الطهارة المتكررة، كل هذه الحركات نفعها محسوس مشاهد لا يماري فيه إلا جاهل.
الوجه الثاني: أن روح الصلاة ومقصودها الأعظم حضور القلب بين يدي الله ومناجاته بكلامه، وذكره والثناء عليه ودعائه، والتضرع إليه وطلب القربة عنده ورجاء ثوابه، وذلك بلا ريب ينير القلب ويشرح الصدر ويفرح النفس والروح، ومعلوم عند جميع الأطباء أن السعي في راحة القلب وسكونه وفرحه وزوال غمه وهمه من أكبر الأسباب الجالبة للصحة الدافعة للأمراض المخففة للآلام، وذلك مجرب مشاهد وخصوصًا صلاة الليل أوقات الأسحار فإن النبي ذكر في الحديث الصحيح أن العبد إذا قام من الليل فذكر الله وتوضأ ثم صلى ما كتب له انحلت عنه عقد الشيطان كلها فأصبح طيب النفس نشيطًا، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ومصالح الصلاة الدينية والاجتماعية والبدنية لا تعد ولا تحصى.
عظم شأن الصلاة
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقد جاء في الحديث «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة»( ) وقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق أن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة قال فكل مستخف الصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك وقد جاء الحديث عن النبي أنه قال: «الصلاة عمود الدين»( ) ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد فكذلك الصلاة من الإسلام. وجاء الحديث «إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن تقبلت صلاته تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله»( ) فصلاتنا هي آخر ديننا، وهي أول ما نسأل عنه غدًا من أعمالنا يوم القيامة فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام، والصلاة هي أول فروض الإسلام بعد الشهادتين، وهي آخر ما يفقد من الدين، فهي أول الإسلام وآخره فإذا ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه، وقد أصبح الناس في نقص عظيم شديد من دينهم عامة ومن صلاتهم خاصة، فاتقوا الله عباد الله في أمور دينكم عامة، وفي صلاتكم خاصة وانصحوا فيها إخوانكم فإنها آخر دينكم فتمسكوا بآخر دينكم وبآخر ما عهد إليكم نبيكم من بين عهوده إليكم وهي الصلاة إذ يقول في آخر رمق من حياته «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»( ) وأمروا رحمكم الله بالصلاة في المساجد من تخلف عنها، وعاتبوهم إذا تخلفوا عنها، وأنكروا عليهم بأيديكم، فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم واعلموا أنه لا يسعكم السكوت عنهم؛ لأن التخلف عن الصلاة من عظيم المعصية فإن لم تفعلوا تكونوا آثمين ومن أوزارهم غير سالمين لوجوب النصيحة لإخوانكم عليكم، وقد جاء الحديث: «يجيء الرجل يوم القيامة متعلقًا بجاره فيقول: يا رب وعزتك ما خنته في أهل ولا مال فيقول: صدق يا رب ولكنه رآني على معصية فلم ينهني عنها»( ) فاحذر تعلقه بك غدا وخصومته إياك بين يدي الجبار ولا تدع نصيحته اليوم وإن شتمك وآذاك وعاداك فإن معاداته لك اليوم أهون من تعلقه بك غدا وخصومته إياك بين يدي الجبار في ذلك المقام العظيم فاحتمل ما جاءك منه لعلك تفوز غدا مع النبيين والصديقين والتابعين لهم بإحسان انتهى من رسالة الإمام أحمد رحمه الله.
مزايا الصلاة على سائر العبادات
وللصلاة من المزايا ما ليس لغيرها من سائر العبادات فمنها:
1- أن الله سبحانه وتعالى تولى فرضيتها على رسوله بمخاطبته له ليلة المعراج من غير واسطة الملك جبرائيل كسائر العبادات.
2- أن الصلاة أكثر الفرائض ذكرًا في القرآن فتارة يخصها بالذكر وتارة يقرنها بالزكاة وتارة يقرنها بالصبر وتارة يقرنها بالنسك وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختتمها بها كما في آيات (المعارج) وكما في أول سورة (المؤمنون).
3- أن الصلاة أول ما أوجب الله على عباده من العبادات العملية فإن وجوبها قبل وجوب الزكاة والصيام والحج.
4- أن وجوبها عام على الذكر والأنثى والحر والعبد والغني والفقير والمقيم والمسافر والصحيح والمريض فلا تسقط الصلاة عنه ما دام عقله ثابتا.
5- أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة وآخر ما يفقده من دينه.
6- أنها قوام الدين وعماده فلا يستقيم دين إلا بها كما في الحديث «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة» فمتى سقط العمود ذهب الدين والحديث رواه الترمذي وصححه.
7- أن الرسول اهتم بها اهتمامًا عظيمًا فهي آخر ما أوصى به أمته عند مفارقته الدنيا جعل يقول: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» رواه أحمد وغيره.
8- أن الله أوجبها في اليوم والليلة خمس مرات بخلاف غيرها من بقية الأركان.
وبالجملة فأمر الصلاة عظيم وشأنها كبير فقبول سائر الأعمال موقوف على فعلها فلا يقبل الله من تاركها صومًا ولا حجًا ولا صدقةً ولا جهادًا ولا شيئًا من الأعمال فيجب على المسلمين جميعا الاعتناء بها والمحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة في المساجد ليفوزوا بعظيم الأجر والثواب المرتب عليها وليسلموا من الإثم والعقاب المعد لمن ضيعها قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ( ).
وقال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ( ).
اللهم اجعلنا وجميع المسلمين من المحافظين على الصلوات المكرمين بنعيم الجنات وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم( ).
2- من فوائد الصلاة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد، فإن الله تعالى فرض الصلوات الخمس على الأمة الإسلامية رحمة بها وإحسانًا إليها ليغذي بها إيمانهم ويرفع بها درجاتهم ويكفر بها خطاياهم وسيئاتهم ويضاعف بها حسناتهم ويدخلهم بها الجنة وينجيهم بها من النار، ولما لها من الفوائد العظيمة والمزايا الجسيمة مما لا يعد ولا يحصى أحببنا أن نذكر شيئًا منها ليرغب فيها من يريد لنفسه الفوز والفلاح والرقي والتقدم والنجاح فمن فوائد الصلاة بعد كونها عبادة لله...
1- أنها صلة بين العبد وربه ولذا سميت صلاة.
2- أنها تكفر الذنوب والآثام.
3- أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
4- أنها نور في الوجه والقلب والقبر ويوم الحشر.
5- أن الصلاة للبدن والروح بمنزلة حقن صحية ووجبات غذائية.
6- أن الصلاة عمود الدين الإسلامي الذي يقوم عليه كعمود الخيمة.
7- أن الصلاة شعار المسلم فلا إسلام لمن ضيعها.
8- أنها بمنزلة الرأس من الجسد، فكما لا حياة لمن لا رأس له فلا دين لمن لا صلاة له.
9- أن الصلاة سبب المعونة على أمور الدين والدنيا وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ... الآية البقرة (45).
10- أنها سبب للرزق كما قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ.. الآية طه (132).
11- أن الصلوات الخمس واجبة على كل مسلم بالغ عاقل غير المرأة الحائض والنفساء لحاجتهم إليها.
12- أنها تجب على كل حال في الصحة والمرض والإقامة والسفر والأمن والخوف على قدر الاستطاعة كما تقدم.
13- أن الصلاة في المساجد مع الجماعة سبب للتعارف والتآلف والسلام والتعاون والمحبة.
14- أنها تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة للحديث الصحيح المتفق عليه.
15- أنها تمحى بها الخطايا وترفع بها الدرجات.
16- أنها دليل الإيمان وأمان من النفاق إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ التوبة (18).
17- أن المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة سبب السعادة في الدنيا والآخرة والسلامة من شقاوة الدنيا والآخرة وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ( ). المعارج (34- 35).
18- أن في أداء الصلاة رياضة للجسم ونشاط وصحة لما يقوم به المصلي من حركات متنوعة.
19- أن قبول الأعمال الأخرى موقوف على أداء الصلاة وقبولها لأنها عماد الدين الذي يقوم عليه.
20- أن الصلاة في المساجد مع الجماعة سبب لصلاة الملائكة على المصلي واستغفارهم له ما دام في المسجد قبل الصلاة وبعدها لحديث أبي هريرة رواه البخاري.
21- أنها رمز لوحدة المسلمين وجمع قلوبهم واتحاد صفوفهم، فالرب واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والهدف واحد وهو طلب رضا الله وجنته والسلامة من عذابه وسخطه.
22- والصلاة مجلبة للرزق حافظة للصحة دافعة للأذى مقوية للقلب مبيضة للوجه مفرحة للنفس مذهبة للكسل منشطة للجوارح ممدة للقوى شارحة للصدر مغذية للروح منورة للقلب حافظة للنعمة دافعة للنقمة جالبة للبركة مبعدة من الشيطان مقربة من الرحمن لأنها صلة به عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه يفتح له من الخيرات أبوابها ويغلق عنه من الشرور أسبابها ويفيض عليه التوفيق والعافية والصحة والغنى والأفراح والمسرات كلها محضرة لديه ومسارعة إليه وبالله التوفيق( ).
مسائل مهمة تتعلق بالصلاة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتصرف في ملكه بما شاء وأراد. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي اصطفاه على بريته وأوجب على كل مسلم تقديم محبته وطاعته على الآباء والأمهات والنفس والناس أجمعين.
صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء.
أما بعد: فهذه مسائل مهمة تتعلق بالصلاة مما يجب الإرشاد والتنبيه عليها تقع من بعض الناس بسبب الجهل والتهاون بشأن الصلاة وهي الركن الأعظم بعد التوحيد.
المسألة الأولى:
مسابقة الإمام بالركوع والسجود والخفض والرفع وتكبيرة الإحرام فإن ذلك كله محرم بنص الرسول كما قال: أما يخشى الذي يرفع رأسه رأس قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار «متفق عليه» وقد قال كثير من العلماء: أن المسابقة تبطل الصلاة وهذا من جهل فاعله إذ ليس له خروج من الصلاة قبل إمامه.
المسألة الثانية:
عدم الخشوع في الصلاة وكثرة الحركة فيها والعبث في اليدين في بدنه وملابسه وفرقعة أصابعه والنظر إلى الساعة وهو يصلي. والنفخ من أثر السواك أو غيره. إذا بان حرفان وكثرة النحنحة بدون حاجة. وتقديم إحدى رجليه عن الصف فلا يجوز ذلك. وقد قال بعض العلماء إذا أكثر من الحركة وتوالت بدون ضرورة بطلت الصلاة.
وكذلك يوجد من بعض الناس أنه يتمايل في الصلاة من جانب إلى جانب من دون حاجة وجميع هذه الأعمال ضد الخشوع في الصلاة وقد رأى النبي رجلاً يعبث في بدنه فقال لو خشع قلب هذا لسكنت جوارحه أو كما قال ، فإن الخشوع هو لب الصلاة وصلاة بلا خشوع كالجسد فاقد الروح، وقد مدح جل ثناؤه الذين هم في صلاتهم خاشعون. بأعلى المقامات وهو الفلاح وهو أجمع كلمة قالتها العرب فإن الفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب والصلاة بخشوع وحضور قلب تأمر صاحبها بالمعروف وتنهاه عن المنكر وهي التي تقر بها عيون المتقين كما قال سيدهم وإمامهم : «وجعلت قرة عيني في الصلاة». وقال : «يا بلال أرحنا بالصلاة» فالمتقون يستريحون بها. ومن سواهم يستريحون منها. فسبحان من فاوت بين خلقه ورفع بعضهم فوق بعض درجات. فإن الرجلين يقومان في الصف وأن ما بينهما في صلاتهما كما بين السماء والأرض كما ورد ذلك وأن الرجل لينصرف من صلاته ما كتب له إلا نصفها إلا ربعها إلا خمسها حتى بلغ عشرها.
فالموفق الذي يتدبر ما يقوله ويفعله في صلاته ويجعل ربه وإلهه نصب عينيه كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه. ويمثل الإنسان نفسه في صلاته ذليلاً بين يدي عزيز رحيم راجيًا فضله وأرجى الوسائل المقربة للعبد إلى ربه هو باب الذل والافتقار والانطراح بين يدي سيده.
ومن أكبر الأسباب المعينة على الخشوع هو أن يتدبر المصلي قراءته وقراءة إمامه وأن يتدبر الأذكار من تسبيح وتكبير وأن يستحضر عظمة الله وكبرياءه وأنه واقف بين يدي أحكم الحاكمين ومالك الدنيا والآخرة الذي نواصي العباد بيديه وقلوبهم بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء الذي ليس كمثله شيء ولا يعرف الخلق قدره ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء. والموفق من وفقه الله ومن أراد هذا البحث فليراجع كتاب الصلاة للإمام شمس الدين ابن القيم فقد شفى فيه وكفى قدس الله روحه ونور ضريحه. وكذلك رسالة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل قدس الله روحه ونور ضريحه وقد أجاد فيها وأفاد.
المسألة الثالثة:
أن بعض الناس إذا سجد يرفع إحدى رجليه أو لا يمكنهن في الأرض وهذا يخل بالصلاة قال : «أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء اليدين. والركبتين وأطراف القدمين والجبهة مع الأنف وأن لا أكف شعرًا ولا ثوبًا» (متفق عليه). وكذلك إذا رفع أنفه عن الأرض فإنه يخل في صلاته.
المسألة الرابعة:
التخصر في الصلاة وهو أن يجعل يديه على خاصرته فإنه ورد النهي عن ذلك.
المسألة الخامسة:
تسوية الصفوف فإنه ثبت عنه أنه كان يسوي الصفوف بنفسه الكريمة وورد التشديد بعدم الاهتمام بذلك، وقال عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم. ويلزم محاذاة المناكب وإلصاق قدمه بقدم أخيه الذي بجانبه. وتكون الأقدام مستقبلة القبلة وإذا لم تحصل التسوية كما أمر وقعت النفرة بين المسلمين واختلاف القلوب كما أخبر به الصادق المصدوق وهذه حكمة وسر ومعجزة نبوية كما هو واقع وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
المسألة السادسة:
أن بعض الناس إذا هوى للسجود برك كما يبر ك البعير يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه وهذا ورد النهي عنه. كذلك إذا أراد النهوض من السجود أو القيام اعتمد على الأرض بيديه وهو قوي قادر وهذا خلاف السنة. والسنة أن يعتمد على ركبتيه إلا إذا كان عاجزًا لمرض أو كبر فلا بأس.
المسألة السابعة:
إذا دخل المسبوق ووجد الإمام في التشهد الأخير وجزم أنه يحصل جماعة فإنه لا يدخل في الصلاة مع الإمام بل عليه أن يحرص على تحصيل جماعة أخرى لأن الجماعة لا تدرك إلا بركعة تامة. كذلك في الجمعة إذا أدرك ركعة مع الإمام يتمها جمعة. وإن لم يدرك ركعة تامة صلاها أربعًا ظهرًا.
المسألة الثامنة:
أن بعض الناس يقرأ مع إمامه في الجهرية وهذا لا يجوز فإنه يجب عليه الإنصات والاستماع لقراءة إمامه. إلا أن العلماء استثنوا قراءة الفاتحة على خلاف في ذلك.
المسألة التاسعة:
أن بعض الناس يجهر في القراءة والتسبيح ويشوش على من بجواره وهذا لا يجوز.
المسألة العاشرة:
وتحتوي على عدة مسائل:
يزيد بعض الناس في الاستفتاح: ولا معبود سواك. وهذه الجملة لم ترد عن الشارع كذلك بعضهم إذا أرد أن يكبر تكبيرة الإحرام يكبر بدون رفع يديه وهذا خلاف السنة فإنه ورد عنه أنه كان يرفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه أو منكبيه وكذلك يسن رفع اليدين عند التكبير للركوع وإذا رفع منه وعند قيامه من التشهد الأول يرفعهما مع التكبير. وكذلك قول بعض العامة في دعائه في الصلاة اللهم خل عني. وهذه اللفظة خلاف المأثور بل يقول ما ورد رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني في الدعاء بين السجدتين، كذلك بعض الناس إذا ركع لم يسو رأسه مع ظهره بل يرفع رأسه، وهذا يخل في الركوع فإنه لا يكون ركوعًا تامًّا حتى يستوي رأسه مع ظهره كما ورد في ركوعه ؛ كذلك بعض الناس إذا استعاذ يقول أعوذ بالسميع العليم. ويسقط اسم الجلالة وهو الله وهذا خلاف ما ورد في الكتاب والسنة فإن الله قال: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ واسم الله هو البركة بل قال بعض العلماء إنه الاسم الأعظم. كذلك بعض الناس إذا دخل المسجد جلس بدون أن يصلي تحية المسجد ركعتين سواء كان في وقت نهي أو غيره.
والصحيح أن تحية المسجد تفعل كل وقت وهذا هو الراجح لقول النبي : «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» متفق عليه ولم يخصص ذلك في وقت معين.
كذلك يوجد بعض الناس يرفع بصره إلى السماء في الصلاة وقد ورد النهي عنه مع الوعيد الشديد كما قال : «لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم» رواه البخاري وغيره.
كذلك بعض الناس يتخلف عن متابعة الإمام في الركوع أو السجود أو يجلس إذا قام الإمام من السجود بدون حاجة وهذا مكروه كراهة شديدة.
وبالجملة فالصلاة مشتملة على أقوال وأفعال عبودية شرعية توقيفية والمسلم مأمور بأدائها كما وردت عن الشارع فلا يجوز له الإخلال بها أو الزيادة عن المشروع. بل يلزمه أن يؤديها كما وردت.
كما بينه وفصله العلماء في أحكام الصلاة في مواضعه.
والصلاة هي أم العبادات كما أن الخمر أم المحرمات. فمنزلة الإنسان في الإسلام على قدر منزلة الصلاة في قلبه. كما ورد في بعض الآثار «من حافظ على الصلاة فهو لما سواها من دينه أحفظ ومن ضيعها كان لما سواها من دينه أضيع»، وليس بعد إضاعة الصلاة دين كما ورد في الكتاب والسنة واتفق عليه جملة الصحابة والسلف الصالح. قال عبد الله بن شقيق التابعي. أدركت أربعين رجلاً من أصحاب النبي. كلهم لا يعدون شيئًا من الشرائع تركه كفر إلا الصلاة. فعلى هذا إذا حكم بكفره فإن نكاحه يكون سفاحًا وتطلق زوجته في الحال لكونه والعياذ بالله ارتد عن دينه وإذا مات فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يقبر في مقابر المسلمين بل ينبذ كنبذ الجيفة ولا يرث ولا يورث أعاذنا الله والمسلمين من ذلك. فمن عرف بترك الصلاة أو التهاون بها فإنه لا يجوز ولا يحل لولي المرأة أن يزوجه موليته بل إن العقد باطل إذا عقد له. ويجب منع الولي من ذلك سواء من القريب أو البعيد من عشيرته أو الحاكم. فيا أيها المسلمون اتقوا الله في صلاتكم خصوصًا وفي شرائع الإسلام عمومًا وقوموا على من تحت أيديكم بإلزامهم بطاعة الله والمحافظة على أوامره واجتناب نواهيه فإن كلا منا راع ومسئول عن ما استرعاه الله فيه وكل منا على ثغر من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله. أيها المسلمون اعتصموا بحبل الله جميعًا واستقيموا ولازموا طاعة ربكم تفوزوا بسعادة الدارين. وخذوا على أيدي السفهاء وأطروهم على الحق أطرا وتعاونوا على البر والتقوى وطهروا بيوتكم وأسواقكم ومجتمعاتكم من تلك القاذورات والمنكرات الظاهرة والأصوات المحرمة التي هي مزامير الشيطان من المجاهرة بجميع ذلك من شرب الدخان وحلق اللحى في الشوارع وانتشار ذلك فإن هذا أكبر خلل في الدين والمجتمع ومن انحطاط الأخلاق ومن الأوصاف الرذيلة التي هي ضد الأوصاف الشريفة فإن الغناء بريد الزنا والزنا بريد الكفر. فيا للأسف الشديد بعد ما كانت هذه البلاد معقلاً للإسلام مزدهرة بالأخيار ومنبعًا للخيرات من التعلم والتعليم للعلوم النافعة الشرعية وقيام الأخيار بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعد ما كانت مضرب المثل في التقدم في العلوم الدينية والأعمال الخيرية وكل مسلم موحد يفتخر بها ويثوب إليها. مضى الأخيار في سبيلهم بعدما أدوا واجبهم وفازوا إن شاء الله برحمة ربهم بأسرع لحظة انعكست الحال وتغيرت البلاد ومن عليها واستبدلنا بتلك الخيرات من العلوم النافعة والأعمال الصالحة والقيام بأوامر الله بالملاهي في بيوتنا وأسواقنا ومجتمعاتنا وبعد ما كانت البيوت والمجتمعات عامرة بتلاوة كتاب الله ومزدهرة به والألسن مترنمة به استبدلنا عن ذلك بالأصوات الخليعة الماجنة من الموسيقى وأنواع المطربات من شتى الإذاعات فبئس البدل بدل الخبيث بالطيب والأدنى بالذي هو خير. بعدما كانت العوائل في البيوت تفتتح نهارها بتلاوة كلام ربها وذكره وشكره وتتخلق وتتأدب بالآداب القرآنية أصبحت اليوم تترنم وتتعلم الأصوات الخليعة وألحان الفاتنات فيا للأسف الشديد على ما رضيناه لأنفسنا وعوائلنا ومجتمعنا لقد قابلنا نعم الله علينا المتوفرة المترادفة بكفرها وعدم شكرها والله يقول 14/ 7 وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ وقد قال بعض السلف: إذا رأيتم الله يدر النعم ويواليها على قوم وهم مقيمون على معاصيه فاعلم أنه استدراج وقد مكر الله بالقوم ثم تلى قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ( ) أي آيسون من كل خير. فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الأنعام 45.
أيها المسلمون والله أعلم بحقيقة إسلامنا كل منا مسئول أمام الله من رئيس ومرؤوس كل على حسب قدرته واستطاعته هل أدى أمانته التي أؤتمن عليها وما أخذ عليه من العهد والميثاق بقوله تعالى 5/ 7 وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا( ) وبقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( ) وبقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ( ) أيها المسلمون هل كل فرد منا اليوم يقول إننا عملنا بهذه الآيات الكريمات وطبقناها على ما أمرنا به الله وعملنا بها كما عمل بها سلفنا الصالح أم تنطبق علينا الآية الكريمة: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ المائدة 78- 81. والواقع أكثر شاهد وسنة الله في الأولين والآخرين واحدة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أيها المسلمون:
انظروا في أمركم وارجعوا إلى كتاب ربكم وسنة نبيكم. فقد قال حين تلى هذه الآيات الكريمات: «والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرًا أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم»( ) وقال تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ( ) وقال تعالى: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ( ) وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ( ) عباد الله كونوا يدًا واحدة في نصر الحق وإعلاء كلمة الله والأخذ على أيدي السفهاء وكونوا عباد الله إخوانا وأعوانا على الحق والقيام به تفوزوا وتحوزوا شرف الدنيا والآخرة.
عباد الله إننا نشاهد المنكرات ظاهرة من ترك الصلوات وإعلان المنكرات في الأسواق والبيوت ولم يشاهد منا رجل واحد تمعر وجهه لله غيرة على دينه فما أجدرنا بالعقوبة والنكال على قبيح الأعمال.
أيها المسلمون انتبهوا وخذوا حذركم قبل أن يحل بنا ما حل بالعصاة وقبل أن يأتي يوم لا مرد له وقبل أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله. ولا تغرنكم الحياة والدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. فإنه ما قام دين ولا استقام إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من الجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله عده جملة من العلماء ركنًا من أركان الإسلام فكيف ضيعنا هذا الركن العظيم فإن لله وإنا إليه راجعون نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ونور وجهه الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وعزها وشرفها في القيام بنصرة دين الله وإعلاء كلمته وأن يكونوا يدًا واحدة على من خالفه. وإن يجمع كلمة المسلمين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها وأن يمن عليهم بالاستقامة على الصراط المستقيم وأن يقيم لهم علم الجهاد وأن يقمع أهل الشرك والكفر والبغي والفساد وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أملاها الفقير إلى الله. عبد الله المنصور الزامل بتاريخ 15/ 10 / 1383 هـ.
فضل الصلاة مع الجماعة ووجوبها
شرع الله تعالى لهذه الأمة الاجتماع في المساجد في أوقات معلومة منها ما هو في اليوم والليلة كالصلوات الخمس، ومنها ما هو في الأسبوع وهو صلاة الجمعة، ومنها ما هو في السنة وهو صلاة العيدين لجماعة كل بلد، ومنها ما هو اجتماع عام في السنة وهو الوقوف بعرفة لأجل التواصل والإحسان والتعاطف والرعاية، ولأجل نظافة القلوب ولأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض فيقومون بعيادة المرضى وتشييع الموتى ومساعدة المحتاجين وإغاظة العدو وهذه الفوائد علاوة على كونها عبادة الله وفيها تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات ومن